محمد حسن يوسف
هل كان البترول مصدرا للنعمة على الاقتصادات التي ظهر فيها وصبغها باسمه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أم كان جالبا للنقمة عليها؟!! والسؤال بطريقة أخرى: هل كان البترول سببا في رقي وتقدم الاقتصادات المصدرة للبترول، أم كان سببا في تدهورها وتخلفها؟!!
في الواقع، حينما نبحث في أسباب هذه الظاهرة، نجد عدة أمور، منها:
أولا: أن البترول – من الناحية الإستراتيجية – كان سببا رئيسيا في جلب عداء الدول الكبرى للدول المصدرة للبترول في تلك المنطقة. فبالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به دول هذه المنطقة، نجد أن الدول الصناعية الكبرى هي دول مستهلكة رئيسية للبترول، وتحتاج إلى البترول بشدة لدوران عجلة الإنتاج والتصنيع بها. ومن المعلوم أن هذه الدول تحتاج إلى مصادر طاقة رخيصة. فإذا ما حاولت الدول المصدرة للبترول رفع أسعاره، لتواكب فقط ما تقوم به الدول الصناعية من رفع أسعار منتجاتها، نجد أن الدول الصناعية تغضب بشدة وتثير الحجج بأن الدول المصدرة للبترول ما هي إلا دول بربرية! وأن مصادر الطاقة تقع في أيدي حفنة من الدول التي لا يمكن تجنب شرها!! وأنه لابد من تأمين مصادر الطاقة!! وانتهى الأمر بالاحتلال الأمريكي المباشر للعراق لضمان الحصول على نفط رخيص في الأسواق ( مهما كانت المبررات الأمريكية لهذا الاحتلال بخلاف ذلك )!!
ثانيا: أن البترول مثّل ثروة ضخمة في أيدي مجموعة من الدول النامية الواقعة في تلك المنطقة، لم تسمح خططها التنموية المختلفة في استيعاب عائداته الضخمة في تصميم برامج تنموية تفيد اقتصاداتها. بل قامت تلك الدول بما يسمى بـ: " إعادة تدوير " العائدات الضخمة التي تولدت لديها إلى الدول الصناعية مرة أخرى لاستثمارها هناك. وبذلك حرمت اقتصاداتها من مصدر أساسي لتحقيق تنمية شاملة في اقتصاداتها، واقتصادات الدول المحيطة بها. بل ووضعت نفسها فريسة بين أيدي الدول الصناعية تصنع باحتياطياتها ما تشاء، حتى وصل الأمر في بعض الأحيان إلى تجميد تلك الاحتياطيات وعدم إعادتها إلى أصحابها!! وهكذا كانت الدول الصناعية هي المستفيد الأساسي – للأسف – من جراء الارتفاع الحادث في أسعار البترول العالمية!! حقيقة أن الدول المصدرة للبترول تمتعت بمعدلات مرتفعة للغاية في متوسط الدخل الفردي على مستوى العالم، ولكن هذه المعدلات لم تعكس تحقيق نهضة تنموية اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية شاملة تفيد تلك الدول منها، بل ظل الأمر مقصورا على دخول مرتفعة ذهبت في الاستهلاك الترفي والمظهري، ولم تفد في تصميم برامج تنموية شاملة!!
ثالثا: ساهمت الفوائض الضخمة التي تراكمت لدى دول المنطقة، والتي نتجت أساسا بسبب البترول، في توفير الاستقرار للموازنات المالية لتلك الدول، وبذلك فلم تتأثر تلك الموازنات من جراء التجارب المتكررة للإصلاح، والتي لم تُؤتِ ثمارها في معظم الأحيان!! فقد كان بقدرة العديد من الحكومات في المنطقة الاعتماد على الإيرادات المتولدة خارج الاقتصاد المحلي، والتي تدفقت بشكل مباشر إلى الدولة من خلال توليفة صادرات البترول والتحويلات والمعونات الأجنبية. وبذلك فقد كان هذا التدفق من الموارد كافيا لتخفيف آثار الركود الاقتصادي، وعدم ضغط الشعوب على الحكومات من أجل تنفيذ برامج تنموية واسعة النطاق أو المطالبة بتغيير تلك الحكومات، على غرار ما حدث في مناطق أخرى من العالم، مما أدى للسماح للحكومات باعتماد العمل بإصلاحات محدودة، في الوقت الذي أجّلت فيه اتخاذ القرارات الصعبة الخاصة بالإصلاح الهيكلي للاقتصاد وإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الدولة والشعب!!
رابعا: ساهم البترول في صبغ اقتصادات المنطقة بما عُرف في الأدبيات الاقتصادية باسم: " الدولة الريعية " أو " الدولة شبه الريعية ". وتعرف الدولة الريعية بكونها الدولة التي تتلقى كميات كبيرة من الريع الاقتصادي الخارجي على أساس منتظم، سواء كان ذلك في شكل مباشر كعوائد للبترول، أو بشكل غير مباشر، فيما ينتج عن ذلك من تحويلات للعمالة التي تزايد الطلب عليها في الدول البترولية إلى دولها الأصلية على سبيل المثال! وبذلك فإن الدولة الريعية هي الدولة التي تمارس إدارة اقتصادية لمصادر تقع خارج نطاق سيطرة الطاقة الإنتاجية للدولة. وهي بذلك تكون عرضة للتقلبات الشديدة في عوائد تلك المصادر وفقا لما يحدث في السوق العالمي، بعيدا عن أيدي هذه الدول! وهذا ما لا يخدم البرامج التنموية للدول، التي تتطلب معرفة دقيقة للعملية الإنتاجية بها وتحكما مباشرا فيها!!
هل كان البترول مصدرا للنعمة على الاقتصادات التي ظهر فيها وصبغها باسمه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أم كان جالبا للنقمة عليها؟!! والسؤال بطريقة أخرى: هل كان البترول سببا في رقي وتقدم الاقتصادات المصدرة للبترول، أم كان سببا في تدهورها وتخلفها؟!!
في الواقع، حينما نبحث في أسباب هذه الظاهرة، نجد عدة أمور، منها:
أولا: أن البترول – من الناحية الإستراتيجية – كان سببا رئيسيا في جلب عداء الدول الكبرى للدول المصدرة للبترول في تلك المنطقة. فبالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به دول هذه المنطقة، نجد أن الدول الصناعية الكبرى هي دول مستهلكة رئيسية للبترول، وتحتاج إلى البترول بشدة لدوران عجلة الإنتاج والتصنيع بها. ومن المعلوم أن هذه الدول تحتاج إلى مصادر طاقة رخيصة. فإذا ما حاولت الدول المصدرة للبترول رفع أسعاره، لتواكب فقط ما تقوم به الدول الصناعية من رفع أسعار منتجاتها، نجد أن الدول الصناعية تغضب بشدة وتثير الحجج بأن الدول المصدرة للبترول ما هي إلا دول بربرية! وأن مصادر الطاقة تقع في أيدي حفنة من الدول التي لا يمكن تجنب شرها!! وأنه لابد من تأمين مصادر الطاقة!! وانتهى الأمر بالاحتلال الأمريكي المباشر للعراق لضمان الحصول على نفط رخيص في الأسواق ( مهما كانت المبررات الأمريكية لهذا الاحتلال بخلاف ذلك )!!
ثانيا: أن البترول مثّل ثروة ضخمة في أيدي مجموعة من الدول النامية الواقعة في تلك المنطقة، لم تسمح خططها التنموية المختلفة في استيعاب عائداته الضخمة في تصميم برامج تنموية تفيد اقتصاداتها. بل قامت تلك الدول بما يسمى بـ: " إعادة تدوير " العائدات الضخمة التي تولدت لديها إلى الدول الصناعية مرة أخرى لاستثمارها هناك. وبذلك حرمت اقتصاداتها من مصدر أساسي لتحقيق تنمية شاملة في اقتصاداتها، واقتصادات الدول المحيطة بها. بل ووضعت نفسها فريسة بين أيدي الدول الصناعية تصنع باحتياطياتها ما تشاء، حتى وصل الأمر في بعض الأحيان إلى تجميد تلك الاحتياطيات وعدم إعادتها إلى أصحابها!! وهكذا كانت الدول الصناعية هي المستفيد الأساسي – للأسف – من جراء الارتفاع الحادث في أسعار البترول العالمية!! حقيقة أن الدول المصدرة للبترول تمتعت بمعدلات مرتفعة للغاية في متوسط الدخل الفردي على مستوى العالم، ولكن هذه المعدلات لم تعكس تحقيق نهضة تنموية اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية شاملة تفيد تلك الدول منها، بل ظل الأمر مقصورا على دخول مرتفعة ذهبت في الاستهلاك الترفي والمظهري، ولم تفد في تصميم برامج تنموية شاملة!!
ثالثا: ساهمت الفوائض الضخمة التي تراكمت لدى دول المنطقة، والتي نتجت أساسا بسبب البترول، في توفير الاستقرار للموازنات المالية لتلك الدول، وبذلك فلم تتأثر تلك الموازنات من جراء التجارب المتكررة للإصلاح، والتي لم تُؤتِ ثمارها في معظم الأحيان!! فقد كان بقدرة العديد من الحكومات في المنطقة الاعتماد على الإيرادات المتولدة خارج الاقتصاد المحلي، والتي تدفقت بشكل مباشر إلى الدولة من خلال توليفة صادرات البترول والتحويلات والمعونات الأجنبية. وبذلك فقد كان هذا التدفق من الموارد كافيا لتخفيف آثار الركود الاقتصادي، وعدم ضغط الشعوب على الحكومات من أجل تنفيذ برامج تنموية واسعة النطاق أو المطالبة بتغيير تلك الحكومات، على غرار ما حدث في مناطق أخرى من العالم، مما أدى للسماح للحكومات باعتماد العمل بإصلاحات محدودة، في الوقت الذي أجّلت فيه اتخاذ القرارات الصعبة الخاصة بالإصلاح الهيكلي للاقتصاد وإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الدولة والشعب!!
رابعا: ساهم البترول في صبغ اقتصادات المنطقة بما عُرف في الأدبيات الاقتصادية باسم: " الدولة الريعية " أو " الدولة شبه الريعية ". وتعرف الدولة الريعية بكونها الدولة التي تتلقى كميات كبيرة من الريع الاقتصادي الخارجي على أساس منتظم، سواء كان ذلك في شكل مباشر كعوائد للبترول، أو بشكل غير مباشر، فيما ينتج عن ذلك من تحويلات للعمالة التي تزايد الطلب عليها في الدول البترولية إلى دولها الأصلية على سبيل المثال! وبذلك فإن الدولة الريعية هي الدولة التي تمارس إدارة اقتصادية لمصادر تقع خارج نطاق سيطرة الطاقة الإنتاجية للدولة. وهي بذلك تكون عرضة للتقلبات الشديدة في عوائد تلك المصادر وفقا لما يحدث في السوق العالمي، بعيدا عن أيدي هذه الدول! وهذا ما لا يخدم البرامج التنموية للدول، التي تتطلب معرفة دقيقة للعملية الإنتاجية بها وتحكما مباشرا فيها!!
الخميس نوفمبر 06, 2014 9:50 am من طرف دهب ايلول
» الظلم والفساد المنتشر فى الشركه
الأربعاء أكتوبر 22, 2014 7:06 pm من طرف هيرو
» الى المهندس / محمد فتحى موسى
الجمعة أكتوبر 10, 2014 11:13 pm من طرف براء
» الى رئيس مجلس الادارة للأهميه
الأحد أغسطس 17, 2014 12:50 pm من طرف براء
» ممكن استفسار بعد اذنكم ضرووووووووري
الثلاثاء أغسطس 05, 2014 1:32 am من طرف أحمد جوده
» كل عام و انتم بخير
الثلاثاء يوليو 22, 2014 9:49 pm من طرف سعيد عبدالهادى
» موقع وموقف منتدي انابيب البترول
الثلاثاء يوليو 01, 2014 10:38 pm من طرف محمد سعد
» صندوق الزماله كلاكيت تانى مره
الثلاثاء مايو 13, 2014 1:36 am من طرف مجدى عبد التواب سيد أحمد
» الى رئيس مجلس الادارة للأهميه القصوى
الإثنين مايو 05, 2014 8:28 pm من طرف براء