الرقيـة الـشرعية
من الكتاب والسنة النبوية
التي يقرأ بها المسلم على نفسه وأهله
_ تعريف الرقية :
هي تعويذ ( وقاية ) المريض بقراءة شيءٍ من القرآن الكريم وأسماء الله وصفاته مع الأدعية الشرعية باللسان العربي _ أو ما يعرف معناه _ مع النفث ؛ لرفع العلة والمرض .( 1 )
قال ابن الأثير رحمه الله :
" النَّفْثُ : شبيه بالنَّفخ وهو أقل من التَّفْل ، لأن التَّفْل لا يكون إلا ومعه شيءٌ من الرِّيِق ".( 2 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن ابن أبي جمرة رحمه الله : " محل التَّفْل في الرقية يكون بعد القراءة ؛ لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق فتحصل البركة في الريق الذي يتفله ".( 3 )
_ حكمها :
فقد أباح الله سبحانه وتعالى لعباده التداوي ، وجاءت النصوص في بيان مشروعيته ، ففي صحيح مسلم رحمه الله من حديث جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لِكلِّ داءٍ دواءٌ ، فإذا أُصِيبَ دَواءُ الدَّاءِ بَرِئ بإذْنِ اللهِ عز وَجَل " ( 4 )
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللهَ خَلَق الدَّاءَ والدَّوَاء ، فتَدَاوَوا ولا تَتَداوَوا بِحَرَام ".(5 )
وإنَّ من أعظم ما يُتداوى به في العِلَلِ عامةً ، وفي العين والحسد والسحر والمس خاصةً كلام الله تعالى ؛ ففيه الشفاء التام من كل هذه الأمراض ، وهل أنفع من أن يُنَفِّس المسلمُ عن أخيه المسلمَ برقية من كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لمن نزل به مرض أو علة أو يرقيه علاجاً للسحر أو للصرْع أو للعين أو للحسد ، فأي شفاء لهذه الأمراض خير من كلام ربنا سبحانه وسنة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه .
ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله : " وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً ، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل ، فإن ترْكها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً ، وفيها رد على من أنكر التداوي وقال إن كان الشفاء قد قُدِّر فالتداوي لا يفيد وإن لم يكن قد قُدِّر فكذلك .
وأيضاً : فإن المرض حصل بقدَر الله ، وقدَر الله لا يدفع ولا يرد ، هذا السؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أفاضل الصحابة فأعلم بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا ، وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى فقال : هذه الأدوية والرُّقي والتُّقَى ، هي من قدر الله ، فما خرج شيء عن قدره بل يُرد قدرُهُ بقدرِهِ ، وهذا الردُّ من قدره فلا سبيل إلى الخروج عن
قدره بوجه ما ، وهذا كرَدِّ قدَر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، وكرَدِّ قدَر العدو بالجهاد وكلٌ من قدَر الله الدافع والمدفوع والدفع "( 1 )
_ شروطها :
أجمع العلماء رحمهم الله أنَّ الرُّقيةَ حتى تكون شرعية صحيحة يجب أنْ تتوفر فيها ثلاثة شروط ؛ هي:
أولاً : أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
وثانياً : أن تكون باللسان العربي ، أو بما يعرف معناه ، لا بالألفاظ المجهولة والمُطَلْسَمة والتَمْتَمَات التي يقولها المشعوذون والدجالون خفية قاتلهم الله .
وثالثاً : أن يُعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بفعل الله سبحانه ، وما هي والراقي إلا سبب .( 1 )
وقال النووي رحمه الله : " وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة ، فلا نهي فيها ، بل هو سنة ".( 2 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" نهى علماء الاسلام عن الرُّقي التي لا يُفقه معناها ؛ لأنها مَظنَّة الشرك ، وإنْ لَمْ يَعرف الرَّاقي أَنهَّا شرك "( 3 )
_ كيفيَّتُها :
قبل أن تشرع في الرقية على نفسك أو على غيرك ، ضَعْ يدك على موضع الألم خاصة ، أو على الرأس والصدر عامة ( 1 ) وابدأ بترتيل الرقية بإظهار صوتك الندي( 2 ) بخشوع قلب ، وحضور فكر ، ناوياً الشفاء والعافية ورفع البأس والضر .
وينبغي عليك في حال رقيتك أن تكرر ما تراه مناسباً ( 3 ) وأهمية التكرار في العلاج ناجع في بعض الأحايين ، وهذا يعود لمعرفة نوعية المرض وصحة التكرار من عدمه ، أرأيت كيف كان الصحابي رضي الله عنه يكرر الفاتحة في رقيته على الملدوغ ويقتصر عليها ، فقد جاء في بعض الروايات أنه قرأها سبعاً ، واخرى ثلاثاً ، فحكمة التكرار _ بلا عددٍ معيِّن _ لها سِرٌّ عظيم ، وتأثيرٌ عجيب ، وقلَّ أن يفقهه إلا من فتح الله عليه .
وتأمَّل أيضاً وصية النبي صلى الله عليه وسلم في العسل وتكرار الوصية به للذي جاءه يشتكي بطن أخيه ، يقول أبو الطيب القنّوجي رحمه الله : في قوله صلى الله عليه وسلم للرجل : " اسقه عسلاً " : " لأنه لما تكرر استعمال الدواء قاوم الدَّاءَ ( المرض ) فأذهبه ؛ فاعتبار مقادير الأدوية وكيفيَّاتها ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب ".( 1 ) وإليك علاج السحر والعين والحسد والمس على الاختصار :
أولاً : المصاب بالسحر :
فإذا كان المريضُ مصاباً بالسحر _ لا قدَّر الله _ فعلاجه يكون بأحد أمرين أو كليهما :
الأول : أن يُستخرج السِّحْر من مكانه ، فإذا أخرجه فلْيُتلِفُهُ ؛ وذلك بقراءة رقية السحر والمعوذات وينفث عليه فيبطل بحول الله تعالى ، وإن رش عليه ماءاً بملح مقروءاً عليه فحسن .( 2 )
ومعرفة مكانه : قد يخبر به خادم السحر في جسد المسحور ، بَيْدَ أنهم يكذبون كثيراً ، وقد يفتح الله على المريض فيريه في منامه رؤيا حق تدل على مكان السحر ، كما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سحره ( 3 ) أو يُرِيَ أحد الصالحين أو الصالحات المكان وهذا معروف .
يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :" وأما من حصل له الشفاء باستعمال دواء رأى من وصفه له في منامه فكثير جداً وقد حدثني غير واحد ممن كان غير مائل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رآه بعد موته وسأله عن شيء كان يشكل عليه من مسائل الفرائض وغيرها فأجابه بالصواب ، وبالجملة فهذا أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وأحكامها وشأنها وبالله التوفيق "( 4 ) والرؤى الصالحة عاجل بشرى المؤمن ، يراها المؤمن أو تُرى له ، وهذه من رحمة الله بعباده ولطفه بهم .
ولكن ثمة أمر مهم جداً ، وهو أن لا تتعلق قلوب الناس بالرؤى والأحلام على أنها أمر جازم يقيني الثبوت ، وإنما يُستأنس بها لا غير ، وعلى المسلم أن يتوكَّل على الله تعالى ولا يجعل من نفسه ألعوبة بيد الشياطين بما يزينون له في منامه وهذا يكثر عند أهل البلاء ممن مسهم الشيطان ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحديث بِتَلَعُّبِ الشياطين بهم في المنام فقال : " لا يُحَدِّثَنَّ أحَدُكُمْ بِتلعُّبِ الشّيْطانِ بِهِ في مَنامِهِ "( 5 )
فإنْ لم يكن هذا ، ولم يعرف مكانه . فيلجأ بعد الله إلى :
الثاني : أن تقرأ على المسحور الرقية كاملة ( 1 ) وتكرر عليه الآيات التي جاء وصف إبطال السحر بها كقصة موسى u مع فرعون وهي ما اصطلح عليها عند الرقاة " آيات السحر " أو " رقية السحر " وعليك بسورة البقرة فهي عظيمة النفع؛فعن أَبي أُمَامَة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اقرءوا سورة البقرة ، فإنّ أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولاتستطيعها البَطَلَة " قال معاوية : بلغني أنَّ البطلة السحرة "( 2 ) فكُنْ وأنت تقرأ واثقاً بنصر الله تعالى على السحرة وشياطينهم ، وأنَّ الله لا يخلف وعده في إبطال السحر ، ولكن هذا يكون عند اجتماع أسباب الشفاء وقوة الإيمان واليقين
ثانياً : المصاب بالحسد أو العين .
وإذا كان المريضُ مصاباً بالحسد أو العين _ لا قدَّر الله _ فعلاجه بأمرين :
الأول : إنْ عُرِف العَائن فليأخذ غُسْلَه ويَصبُّه عليه من خلفه ؛ فسيُذْهِبُ الله ما به من عِلَّة ، وإن توضأ به نفع ، والغسل أفضل .( 3 )
والثاني : بقراءة الرقية الشرعية ؛ ومنها آياتُ العينِ والحسد حتى يَصرفها الله عنه .
والعينُ عَيْنَان : عينٌ إنسيَّة ، وعينٌ جِنِّيَّة .( 4 )
قال الخطَّابي رحمه الله : " عيونُ الجِنِّ أنفذُ من أَسِنَّةِ الرِّمَاح " ( 5 )
وعلاجهما واحد إلا إنْ اقترنت العين بعارضٍ من الجن ، فهنا يكون العلاج للعين أو الحسد ولإخراج الجن التي ربما يخدمها كحالة المس .( 6 )
ثالثاً : المصاب بالمس الشيطاني .
إن كان مصاباً بمسٍ شيطاني( 1 ) _ لا قدَّر الله _ فعليك بالآيات التي ورد فيها صفة النار و العذاب والتذكير باليوم الآخر فإنها تحرقه ، ومن أعظم الآيات فيها سورة البقرة ، وسيما آية الكرسي ، وأوائل الآيات من سورة الصافات ، وآيات التوحيد والتهليل .. وغيرها فإنّ لها تأثيراً عجيباً كما ذكره أهل العلم . وعليه أن يقرأ بعض الآيات التي يُستنبط منها منفعة إذا ناسبت الحال والمقام ، تأكيداً لها واستشعاراً برفع الضر والأذى وأن حكم الله هو الغالب . كآيات السكينة والشفاء .
وينبغي أن يكثر من الدعاء الوارد في السنة وبعض الأدعية المأثورة ( 2 ) لعلّ الله أن يفتح عليه في رقيته فينتفع وينفع بها ، إنه سبحانه خير مسؤول .
ومما يجدر بالذكر أن يَستعين المريضُ بعد الله تعالى بأن يَقْرِن في علاجه ما جاء في السنة الأمر بالاستشفاء به ، كماء زمزم ، والحبة السوداء ( الشونيز ، القزحة ) ، والعسل ، وزيت الزيتون ، والتَّلْبِيْنَة ( حِسَاء ) والعود الهندي ، والمـلح ، والسَّـنا ( مَكِّي ) ، وورق السدر ( النبق ) ، والحجامة ، وغيرها ؛ فإنّ هذه مما قد تُعَجِّلُ وتساعد في الشفاء بإذن الله .
من الكتاب والسنة النبوية
التي يقرأ بها المسلم على نفسه وأهله
_ تعريف الرقية :
هي تعويذ ( وقاية ) المريض بقراءة شيءٍ من القرآن الكريم وأسماء الله وصفاته مع الأدعية الشرعية باللسان العربي _ أو ما يعرف معناه _ مع النفث ؛ لرفع العلة والمرض .( 1 )
قال ابن الأثير رحمه الله :
" النَّفْثُ : شبيه بالنَّفخ وهو أقل من التَّفْل ، لأن التَّفْل لا يكون إلا ومعه شيءٌ من الرِّيِق ".( 2 )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن ابن أبي جمرة رحمه الله : " محل التَّفْل في الرقية يكون بعد القراءة ؛ لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق فتحصل البركة في الريق الذي يتفله ".( 3 )
_ حكمها :
فقد أباح الله سبحانه وتعالى لعباده التداوي ، وجاءت النصوص في بيان مشروعيته ، ففي صحيح مسلم رحمه الله من حديث جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لِكلِّ داءٍ دواءٌ ، فإذا أُصِيبَ دَواءُ الدَّاءِ بَرِئ بإذْنِ اللهِ عز وَجَل " ( 4 )
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللهَ خَلَق الدَّاءَ والدَّوَاء ، فتَدَاوَوا ولا تَتَداوَوا بِحَرَام ".(5 )
وإنَّ من أعظم ما يُتداوى به في العِلَلِ عامةً ، وفي العين والحسد والسحر والمس خاصةً كلام الله تعالى ؛ ففيه الشفاء التام من كل هذه الأمراض ، وهل أنفع من أن يُنَفِّس المسلمُ عن أخيه المسلمَ برقية من كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لمن نزل به مرض أو علة أو يرقيه علاجاً للسحر أو للصرْع أو للعين أو للحسد ، فأي شفاء لهذه الأمراض خير من كلام ربنا سبحانه وسنة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه .
ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله : " وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي ، وأنه لا ينافي التوكل ، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً ، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل ، فإن ترْكها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً ، وفيها رد على من أنكر التداوي وقال إن كان الشفاء قد قُدِّر فالتداوي لا يفيد وإن لم يكن قد قُدِّر فكذلك .
وأيضاً : فإن المرض حصل بقدَر الله ، وقدَر الله لا يدفع ولا يرد ، هذا السؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أفاضل الصحابة فأعلم بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا ، وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما شفى وكفى فقال : هذه الأدوية والرُّقي والتُّقَى ، هي من قدر الله ، فما خرج شيء عن قدره بل يُرد قدرُهُ بقدرِهِ ، وهذا الردُّ من قدره فلا سبيل إلى الخروج عن
قدره بوجه ما ، وهذا كرَدِّ قدَر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، وكرَدِّ قدَر العدو بالجهاد وكلٌ من قدَر الله الدافع والمدفوع والدفع "( 1 )
_ شروطها :
أجمع العلماء رحمهم الله أنَّ الرُّقيةَ حتى تكون شرعية صحيحة يجب أنْ تتوفر فيها ثلاثة شروط ؛ هي:
أولاً : أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .
وثانياً : أن تكون باللسان العربي ، أو بما يعرف معناه ، لا بالألفاظ المجهولة والمُطَلْسَمة والتَمْتَمَات التي يقولها المشعوذون والدجالون خفية قاتلهم الله .
وثالثاً : أن يُعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بفعل الله سبحانه ، وما هي والراقي إلا سبب .( 1 )
وقال النووي رحمه الله : " وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة ، فلا نهي فيها ، بل هو سنة ".( 2 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" نهى علماء الاسلام عن الرُّقي التي لا يُفقه معناها ؛ لأنها مَظنَّة الشرك ، وإنْ لَمْ يَعرف الرَّاقي أَنهَّا شرك "( 3 )
_ كيفيَّتُها :
قبل أن تشرع في الرقية على نفسك أو على غيرك ، ضَعْ يدك على موضع الألم خاصة ، أو على الرأس والصدر عامة ( 1 ) وابدأ بترتيل الرقية بإظهار صوتك الندي( 2 ) بخشوع قلب ، وحضور فكر ، ناوياً الشفاء والعافية ورفع البأس والضر .
وينبغي عليك في حال رقيتك أن تكرر ما تراه مناسباً ( 3 ) وأهمية التكرار في العلاج ناجع في بعض الأحايين ، وهذا يعود لمعرفة نوعية المرض وصحة التكرار من عدمه ، أرأيت كيف كان الصحابي رضي الله عنه يكرر الفاتحة في رقيته على الملدوغ ويقتصر عليها ، فقد جاء في بعض الروايات أنه قرأها سبعاً ، واخرى ثلاثاً ، فحكمة التكرار _ بلا عددٍ معيِّن _ لها سِرٌّ عظيم ، وتأثيرٌ عجيب ، وقلَّ أن يفقهه إلا من فتح الله عليه .
وتأمَّل أيضاً وصية النبي صلى الله عليه وسلم في العسل وتكرار الوصية به للذي جاءه يشتكي بطن أخيه ، يقول أبو الطيب القنّوجي رحمه الله : في قوله صلى الله عليه وسلم للرجل : " اسقه عسلاً " : " لأنه لما تكرر استعمال الدواء قاوم الدَّاءَ ( المرض ) فأذهبه ؛ فاعتبار مقادير الأدوية وكيفيَّاتها ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب ".( 1 ) وإليك علاج السحر والعين والحسد والمس على الاختصار :
أولاً : المصاب بالسحر :
فإذا كان المريضُ مصاباً بالسحر _ لا قدَّر الله _ فعلاجه يكون بأحد أمرين أو كليهما :
الأول : أن يُستخرج السِّحْر من مكانه ، فإذا أخرجه فلْيُتلِفُهُ ؛ وذلك بقراءة رقية السحر والمعوذات وينفث عليه فيبطل بحول الله تعالى ، وإن رش عليه ماءاً بملح مقروءاً عليه فحسن .( 2 )
ومعرفة مكانه : قد يخبر به خادم السحر في جسد المسحور ، بَيْدَ أنهم يكذبون كثيراً ، وقد يفتح الله على المريض فيريه في منامه رؤيا حق تدل على مكان السحر ، كما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سحره ( 3 ) أو يُرِيَ أحد الصالحين أو الصالحات المكان وهذا معروف .
يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :" وأما من حصل له الشفاء باستعمال دواء رأى من وصفه له في منامه فكثير جداً وقد حدثني غير واحد ممن كان غير مائل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رآه بعد موته وسأله عن شيء كان يشكل عليه من مسائل الفرائض وغيرها فأجابه بالصواب ، وبالجملة فهذا أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وأحكامها وشأنها وبالله التوفيق "( 4 ) والرؤى الصالحة عاجل بشرى المؤمن ، يراها المؤمن أو تُرى له ، وهذه من رحمة الله بعباده ولطفه بهم .
ولكن ثمة أمر مهم جداً ، وهو أن لا تتعلق قلوب الناس بالرؤى والأحلام على أنها أمر جازم يقيني الثبوت ، وإنما يُستأنس بها لا غير ، وعلى المسلم أن يتوكَّل على الله تعالى ولا يجعل من نفسه ألعوبة بيد الشياطين بما يزينون له في منامه وهذا يكثر عند أهل البلاء ممن مسهم الشيطان ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحديث بِتَلَعُّبِ الشياطين بهم في المنام فقال : " لا يُحَدِّثَنَّ أحَدُكُمْ بِتلعُّبِ الشّيْطانِ بِهِ في مَنامِهِ "( 5 )
فإنْ لم يكن هذا ، ولم يعرف مكانه . فيلجأ بعد الله إلى :
الثاني : أن تقرأ على المسحور الرقية كاملة ( 1 ) وتكرر عليه الآيات التي جاء وصف إبطال السحر بها كقصة موسى u مع فرعون وهي ما اصطلح عليها عند الرقاة " آيات السحر " أو " رقية السحر " وعليك بسورة البقرة فهي عظيمة النفع؛فعن أَبي أُمَامَة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اقرءوا سورة البقرة ، فإنّ أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولاتستطيعها البَطَلَة " قال معاوية : بلغني أنَّ البطلة السحرة "( 2 ) فكُنْ وأنت تقرأ واثقاً بنصر الله تعالى على السحرة وشياطينهم ، وأنَّ الله لا يخلف وعده في إبطال السحر ، ولكن هذا يكون عند اجتماع أسباب الشفاء وقوة الإيمان واليقين
ثانياً : المصاب بالحسد أو العين .
وإذا كان المريضُ مصاباً بالحسد أو العين _ لا قدَّر الله _ فعلاجه بأمرين :
الأول : إنْ عُرِف العَائن فليأخذ غُسْلَه ويَصبُّه عليه من خلفه ؛ فسيُذْهِبُ الله ما به من عِلَّة ، وإن توضأ به نفع ، والغسل أفضل .( 3 )
والثاني : بقراءة الرقية الشرعية ؛ ومنها آياتُ العينِ والحسد حتى يَصرفها الله عنه .
والعينُ عَيْنَان : عينٌ إنسيَّة ، وعينٌ جِنِّيَّة .( 4 )
قال الخطَّابي رحمه الله : " عيونُ الجِنِّ أنفذُ من أَسِنَّةِ الرِّمَاح " ( 5 )
وعلاجهما واحد إلا إنْ اقترنت العين بعارضٍ من الجن ، فهنا يكون العلاج للعين أو الحسد ولإخراج الجن التي ربما يخدمها كحالة المس .( 6 )
ثالثاً : المصاب بالمس الشيطاني .
إن كان مصاباً بمسٍ شيطاني( 1 ) _ لا قدَّر الله _ فعليك بالآيات التي ورد فيها صفة النار و العذاب والتذكير باليوم الآخر فإنها تحرقه ، ومن أعظم الآيات فيها سورة البقرة ، وسيما آية الكرسي ، وأوائل الآيات من سورة الصافات ، وآيات التوحيد والتهليل .. وغيرها فإنّ لها تأثيراً عجيباً كما ذكره أهل العلم . وعليه أن يقرأ بعض الآيات التي يُستنبط منها منفعة إذا ناسبت الحال والمقام ، تأكيداً لها واستشعاراً برفع الضر والأذى وأن حكم الله هو الغالب . كآيات السكينة والشفاء .
وينبغي أن يكثر من الدعاء الوارد في السنة وبعض الأدعية المأثورة ( 2 ) لعلّ الله أن يفتح عليه في رقيته فينتفع وينفع بها ، إنه سبحانه خير مسؤول .
ومما يجدر بالذكر أن يَستعين المريضُ بعد الله تعالى بأن يَقْرِن في علاجه ما جاء في السنة الأمر بالاستشفاء به ، كماء زمزم ، والحبة السوداء ( الشونيز ، القزحة ) ، والعسل ، وزيت الزيتون ، والتَّلْبِيْنَة ( حِسَاء ) والعود الهندي ، والمـلح ، والسَّـنا ( مَكِّي ) ، وورق السدر ( النبق ) ، والحجامة ، وغيرها ؛ فإنّ هذه مما قد تُعَجِّلُ وتساعد في الشفاء بإذن الله .
الخميس نوفمبر 06, 2014 9:50 am من طرف دهب ايلول
» الظلم والفساد المنتشر فى الشركه
الأربعاء أكتوبر 22, 2014 7:06 pm من طرف هيرو
» الى المهندس / محمد فتحى موسى
الجمعة أكتوبر 10, 2014 11:13 pm من طرف براء
» الى رئيس مجلس الادارة للأهميه
الأحد أغسطس 17, 2014 12:50 pm من طرف براء
» ممكن استفسار بعد اذنكم ضرووووووووري
الثلاثاء أغسطس 05, 2014 1:32 am من طرف أحمد جوده
» كل عام و انتم بخير
الثلاثاء يوليو 22, 2014 9:49 pm من طرف سعيد عبدالهادى
» موقع وموقف منتدي انابيب البترول
الثلاثاء يوليو 01, 2014 10:38 pm من طرف محمد سعد
» صندوق الزماله كلاكيت تانى مره
الثلاثاء مايو 13, 2014 1:36 am من طرف مجدى عبد التواب سيد أحمد
» الى رئيس مجلس الادارة للأهميه القصوى
الإثنين مايو 05, 2014 8:28 pm من طرف براء