ما حكم الدين فيما يحدث في أماكن العمل الآن من نفاق ورياء للرؤساء وانتشار الفتنة والتضليل من جانب هؤلاء الذين يسعون دائما إلى قضاء مصالحهم والترقي في الوظائف والحصول على استحسان الرؤساء عن طريق هذه الوسائل اللاخلاقية .
وما حكم الدين في هؤلاء الرؤساء الذين ينصتون إلى هؤلاء المنافقين ظنا منهم أنهم بذلك يمتلكون ذمام الأمور ويعرفون كل شيء عن العمل وعن العاملين ويتصرفون بناء على الأحاديث التي تصلهم عن أناس معينين مع الآخرين الذين هم في غفلة فلا يدرون من هو الصاحب ومن هو العدو؟
الحل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإنه ممَّا لا شك فيه أن النفاق والرياء والتضليل من الكبائر الموبقات الموجبات للنار، وحسبنا في هذا أن نذكر أن هذا الفعل هو فعل المنافقين؛ فالمنافق يظهر خلاف ما يبطن، قال تعالى: (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَك) [آل عمران:154] وسماه النبي صلى الله عليه وسم ذا الوجهين فهو يظهر للناس خلاف ما يبطن، قال صلى الله عليه وسلم:" ..وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه" وكفى بهذا ذما وتعييرا .
ويجب على الرؤساء أن يتحروا البطانة الصالحة دينا وخلقا وأمانة، وأن يعدلوا بين المرؤوسين، وأن يتثبتوا من الأخبار، ولا يأخذوا بالظن، وإلا فهم ظالمون.
وأما المرؤوسون الذين يتملقون وينافقون على حساب زملائهم، ويطمعون فيما ليس لهم، فلا شك في أنهم آثمون مجرمون، وعلى الآخرين الذين يرون هذا المنكر، وهذا الظلم عليهم أن ينصحوا رؤساءهم، فمن حق المسلم على أخيه أن ينصح له، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ" رواه البخاري في صحيحه. وفي هذا النصح امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ » صحيح مسلم. وامتثال لما ورد في الذكر الحكيم قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" [آل عمران/110]
قال ابن القيم في إعلام الموقعين :
وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك! وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها! وهو بارد القلب ساكت اللسان، شيطان أخرس، كما أن من تكلم بالباطل شيطان ناطق.أهـ
وعلى من وقع عليه هذا الظلم أن ينقي ساحته، وأن يدفع عن نفسه هذا الظلم، وأن ينفيه عن نفسه، وعلى الجميع أن يقف في وجه هؤلاء المنافقين متحدين لهم حتى يكشفوا زيغهم وإضلالهم أمام الرؤساء المخدوعين المغفلين، وأن يقضوا على ما يسمى بالنفاق الوظيفي. فالدين النصيحة، وتغيير المنكر واجب ، والساكت عن الحق شيطان أخرس.
وعن علاج الكذب في الأقوال الذي هو الآلة في هذا النفاق الوظيفي يقول فضيلة الشيخ القرضاوي:
الكذب خلق سيئ ليس من أخلاق الصالحين ولا المؤمنين، وإنما هو من أخلاق المنافقين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان " (رواه الشيخان). وفي رواية أخرى: " أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه واحدة منهن، ففيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ". (رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما).
فالكذب ليس من خصال المؤمنين، وإنما هو من خصال المنافقين، الذين يكذبون دائمًا، ويؤكدون كذبهم بالحلف، حتى في يوم القيامة يكذبون أمام الله ويحلفون له كما كانوا يحلفون للمسلمين في الدنيا، ويحسبون أنهم على شيء، ألا إنهم هم الكاذبون . وقد جاء في القرآن الكريم " (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون) (النحل: 105). وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أيكون المؤمن جبانًا ؟ قال: نعم . قيل: أيكون بخيلاً ؟ قال: نعم . قيل: أيكون كذابًا؟ قال: لا ". (رواه مالك مرسلاً عن صفوان بن سليم).
من الناس من يكونون ضعفاء النفوس، يتصفون بالجبن وشدة الفزع.
ومن الناس من يكونون بخلاء، يتصفون بالشح وقبض اليد.
هاتان الصفتان قد تكونان في الجبلة والطبع.
ولكن الكذب لا يكون إلا مكتسبًا، وهذا الذي يحاسب عليه الإسلام ويشدد فيه أبلغ ما يكون التشديد . وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا.
وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا". (متفق عليه من حديث ابن مسعود).
الخميس نوفمبر 06, 2014 9:50 am من طرف دهب ايلول
» الظلم والفساد المنتشر فى الشركه
الأربعاء أكتوبر 22, 2014 7:06 pm من طرف هيرو
» الى المهندس / محمد فتحى موسى
الجمعة أكتوبر 10, 2014 11:13 pm من طرف براء
» الى رئيس مجلس الادارة للأهميه
الأحد أغسطس 17, 2014 12:50 pm من طرف براء
» ممكن استفسار بعد اذنكم ضرووووووووري
الثلاثاء أغسطس 05, 2014 1:32 am من طرف أحمد جوده
» كل عام و انتم بخير
الثلاثاء يوليو 22, 2014 9:49 pm من طرف سعيد عبدالهادى
» موقع وموقف منتدي انابيب البترول
الثلاثاء يوليو 01, 2014 10:38 pm من طرف محمد سعد
» صندوق الزماله كلاكيت تانى مره
الثلاثاء مايو 13, 2014 1:36 am من طرف مجدى عبد التواب سيد أحمد
» الى رئيس مجلس الادارة للأهميه القصوى
الإثنين مايو 05, 2014 8:28 pm من طرف براء